
ترجمة القيم إلى إجراءات سلوكية قابلة للتربية والقياس
المقدمة
1 ــ قدم بعض العلماء الأوائل تطبيقات عملية للقيم في شكل صيغ إرشادية، جاءت في قوالب
وعظية وتربوية وتعليمية في شكل نداءات ووصايا أفعل ولا تفعل، كن ولا تكن
التزم وامتنع ... إلخ ومن أبرزهم ابن حزم والذي صاغها في شكل
( احرص على، ووطن نفسك على، وأحب ولا تحب، وأفعل ولا تفعل، وأكثر، ولا يسرك، لا تأس، إياك ... وهكذا )
وكذلك ابن عطا السكندري المتوفي 759 هـ 1309 م وابن حزم والهروي والأصفهاني
وتميز بن باديس والبنا بترجمة القيم إلى واجبات عملية في إطار تنظيمي مؤسسي موجه لهدف محدد هو التحرر واستعادة الخلافة.
2 ــ منتجات العلماء في هذا المجال جاءت كاجتهادات وآراء فردية نابعة من المكون المعرفي والتجربة العملية والمعطيات المحيطة، والمعرفة التاريخية للأجيال السابقة.
4 ــ قدمت المنتجات التطبيقية السلوكية للقيم والأخلاق بشكل عام للمسلمين كافة السائرين إلى الله
دون تقسيم لشرائح عمرية ونوعية ومهنية.
5 ــ قدمت المنتجات التطبيقية السلوكية للقيم والأخلاق في المجال الفردي دون المجتمعي.
6 ــ غالب المنتجات التطبيقية السلوكية للقيم والأخلاق جاءت في محور الشعائر التعبدية
والمعاملات الفردية.
7 ــ غلب على التطبيقات السلوكية للعلماء الأوائل للقيم والأخلاق صفتي الثبات والتكرار
ومن ثم غياب قدرتها على ملاحقة تحديثات ومعطيات الحياة الجارية دائمة التحديث، وعدم
مكافأتها لتطوير مجالات ومعطيات العصر واحتياجاته السلوكية المتجددة، مما يخلق فراغًا شاغرًا لتمدد الثقافات الأخرى، ليس ضعفًا في القيم القرآنية نفسها ولكن في تأخر وبطئ الجهود العلمية للباحثين والعلماء المسلمين.
نظام ومنهج قيمي هويتي لترجمة القيمة إلى مهارات سلوكية
أولاً : رؤية الإسلام للقيمة والسلوك والعلاقة بينهما
ثانيًا : تحديد المعايير العلمية لتناول القيمة القرآنية
ثالثًا : تحديد وفهم الطبيعة الفنية الخاصة للمترادفات المختلفة لمفهوم المهارة السلوكية
رابعًا : تحديد أشكال السلوك البشري ــ والمقسم إلى سلوك غير مرئي وسلوك مرئي
خامسًا : تحديد المعايير العلمية للمهارة السلوكية ــ الواجب التطبيقي لمفاهيم القيمة
سادسًا : تحديد العلاقة بين القيمة والسلوك
سابعًا : المعطيات التفصيلية المُحددة للمهارات السلوكية
أولاً : رؤية الإسلام للقيمة والسلوك والعلاقة بينهما
1 ــ العقيدة الإسلامية تشترط ارتباط التصور بالقول والعمل ــ سورة العصر.
2 ــ القيم هي مصدر السلوك الذي يتكرر ويثبت ويستقر حتى يصبح خلق.
3 ــ السلوك جزء منه باطن غير معلن، وجزء ظاهر معلن.
4 ــ القيم حاكمة ومنظمة وضابطة للسلوك من خلال سيطرتها على قوى الشهوة والغضب الفطرية في الإنسان.
5 ــ القيم تعزز في الإنسان المحافظة على قيم الفطرة السوية الرحمة والعدل والعلم والحكمة.
6 ــ تتحول القيمة إلى سلوكيات عملية في حياة المسلم، يلتزم بها في كل أحواله في السر والعلن
وبطلاقة وتلقائية مع كل الناس والمخلوقات حتى تتحول إلى سلوك تلقائي يمارسه بقناعة وسعادة ومباشرة.
7 ــ حتى يصبح جزء من خلق المسلم من قلبه وروحه وجسده فيصير خلقًا دائمًا له يُعرَف ويُمًيز به بين الناس.
8 ــ اكتساب القيم والتخلق بها هو في ذاته عبودية لله تعالى، وكلما زادت حصيلة تعلم والتزام وتخلق المسلم من قيم القرآن الكريم كمًا وكيفًا كلما ارتقى في درجات العبودية لله تعالى.
9 ــ الالتزام بقيم القرآن يربط المسلم بمرجعيته العليا الواحدة الله تعالى ويحرره من أية تبعية من دون الله تعالى من النماذج الأخلاقية البشرية النسبية المحدودة بالمصالح والمنافع والأجندات الاجتماعية والسياسية المرهونة بزمانها ومكانها، ويفتح له فضاءً واسعًا من الرقي الأخلاقي لمستويات الصالحين والمصلحين والأنبياء والقدوة والنموذج الأمثل للبشرية كلها محمد صلى الله عليه وسلم.
10 ــ الفهم والتطبيق الصحيح للقيمة وشفافية المطابقة بين الظاهر والباطن في حياة المسلم، وتحقيقه للتوازن والسلام النفسي للمسلم، في ذاته داعم ومعزز للالتزام القيمي.
ملاحظة : التناقض السلوكي والأخلاقي في حياة الإنسان الغربي، يصنع منه الإنسان المتناقض الذي يمارس الشيء وعكسه، ويصبح ذو وجهين وحياتين حياة في السر وأخرى في العلن، مما يؤرقه ويعذبه نفسيًا حال يقظة ضميره وتودي ببعضهم إلى الانتحار.
11 ــ الالتزام القيمي حاكم ومحدد لقيمة وواقع وفعل وأثر المسلم في الحياة ومصيره في الآخرة
ثانيًا : تحديد المعايير العلمية لتناول القيمة القرآنية
1 ــ قرآنية : المصدر والمرجع والمعيار والمقصد.
2 ــ علمية شاملة ومتكاملة : لرؤيتها وبنيتها المفاهيمية في العلوم الإنسانية ذات العلاقة ومن أهمها
علوم الشريعة والمقاصد والتربية وعلم النفس والاجتماع والاجتماع السياسي والإدارة والمنطق والتفكير.
3 ــ مطلقة : طلاقة البنية المفاهيمية للقيمة بالتطبيق في كل مكان وزمان ومع كل الناس.
4 ــ بينة النفع في الدنيا : ببيان منافعها للإنسان في حياته الدنيا، بتعديد المنافع التي تحققها للإنسان
والضرر الذي تدفعه عنه، ومخاطر غياب القيمة ــ البرهنة العقلية لأهمية القيمة القادرة على إقناع الفرد بالقيمة وتحفيزه لتعلمها، بما يمهد ويعزز الإيمان بها، ناهيك عن فضلها في الآخرة.
5 ــ الجمع بين الأصالة والمعاصرة : الأصالة القرآنية، والنبوية في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم مع التطبيقات المعاصرة المتجددة بتطور معطيات الحياة دائمة التحديث.
6 ــ عالمية : المفاهيم والمرجعية والمعايير والمؤشرات، والممارسة والانتفاع بحكم مصدرها ومقصدها القرآن رحمة للعالمين.
7 ــ البنية المفاهيمية الموضوعية : بتقسيم القيمة إلى مفاهيم كلية تشمل البنية المفاهيمية
والمقاصدية والتطبيقية للقيمة، يتم تحديدها ودمجها وصياغتها في أربع مفاهيم أساسية مكونة للقيمة تجيب على سؤال ماهية القيمة.
8 ــ قابلة للتربية والقياس : من خلال ترجمة كل مفهوم إلى واجبات عملية ومهارات سلوكية
محددة ومنظمة قابلة للتربية وللرصد والقياس الرقمي والمئوي والوصفي.
الواجبات العملية : الفعل الواجب على من يرد اكتساب والتخلق بهذه القيمة
والواجب هنا واجب ذاتي ينطلق من الرغبة الذاتية في تحصيل القيمة والتخلق بها
حيث لا يمكن التخلق بالقيمة إلا بممارسات هذه الواجبات والتكليفات العملية.
الإجراءات العملية : التدبير الواجب، وأسلوب المعالجة اللازم لتعلم القيمة واكتسابها وإثبات
التخلق بها.
التطبيقات العملية : تعيين وتخصيص فاعلية أو مجموعة فعاليات وأنشطة يقوم بها الطالب
تمثل في مضمونها، حقيقة القيمة التربوية.
المهارات السلوكية : نشاط يتم بطريقة ممنهجة ومنتظمة لتحقيق هدف معين
تكتسب بوسائل التعليم المختلفة، ويتم تطويره بالتقويم والتكرار.
المهارات المهنية : مجموعة القدرات المهنية المتخصصة التي يستطيع الفرد القيام بها
بحرفية وجودة عالية.
العادة : نشاط يرجع إلى الشعور والرغبة والتكرار التلقائي حتى يتحول إلى لازمة للشخص
تعطي كلها مفهومًا واحدًا حول القدرات العملية التي يكتسبها الفرد ويستطيع الفرد
القيام بها والقابلة والتطور والتي تمثل في حقيقتها مضمون قيمة من القيم.
رابعًا : تحديد أشكال السلوك البشري ــ والمقسم إلى سلوك غير مرئي وسلوك مرئي
أشكال المهارة السلوكية
1 ــ أن يفهم .............................
2 ــ أن يشعر..............................
3 ــ أن يتمنى ............................
4 ــ أن يتطلع .............................
5 ــ أن يعزم ...............................
6 ــ أن يقول ..............................
7 ــ أن يعمل ..............................
8 ــ أن يلتزم / يحافظ على............
9 ــ أن يدعو إلى .........................
10ــ أن يدافع عن .......................
خامسًا : تحديد المعايير العلمية للمهارة السلوكية ــ الواجب التطبيقي لمفاهيم القيمة
شروط ومعايير المهارة السلوكية
المعايير التي وضعها علم القيم والهوية للمهارات السلوكية للقيم، تعد نتاج مشترك ومطور للمعايير التي وضعتها علوم (التربية، والإدارة والاجتماع السياسي) حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن
والتي تدور فلسفتها في فلك دعم عملية التربية والقياس والتقويم :
1 ــ شاملة : للمفاهيم والعواطف والتطلعات الغير مرئية، والأقوال والأفعال والإنجازات المرئية
2 ــ تجيب على سؤال كيف يمكن تطبيق القيمة
3 ــ محددة : معرفة بوضوح، البداية والنهاية، ولا تحتمل أكثر من تأويل
4 ــ تأخذ شكل الفعل المضارع
5 ــ المواءمة : للمرحلة العمرية للطلاب، ولطبيعة المهنة للمهنيين
6 ــ عملية : واقعية تحاكي المجال السلوكي لحياة الطالب والمهني
( في المنزل ، المدرسة ، الشارع ، السوق ، النادي ، مع العالم الافتراضي الإنترنت . إلخ )
7 ــ فاعلة : بقدرتها على المساهمة في تحقيق مضمون القيمة
8 ــ متكاملة : تلبي أكبر قدر من الجوانب الست لشخصية الإنسان
9 ــ قابلة للتدرج والترقي : تقسم لمستويات تطبيق متدرجة
10 ــ قابلة للقياس : في شكل أرقام، أو نسب، أو تقديرات
سادسًا : تحديد العلاقة بين القيمة والسلوك
علاقة القيم بالسلوك
1 ــ القيم تؤسس وتبني وتشكل السلوك الداخلي المستبطن والغير معلن داخل النفس البشرية.
ولكنه تحت الرقابة الإلهية ( لِّلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ ۖ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) البقرة 284
وتطور المفاهيم، التي تشكل المشاعر وتصنع الرغبات والتطلعات والعزائم الداخلية والتي تعد
المنتج لما بعدها من سلوكيات مرئية من أقوال وأعمال ... إلخ
2 ــ القيم مصدر للسلوك
3 ــ القيم محفزة لإنتاج سلوكيات معينة
4 ــ القيم منتجة لسلوكيات متجددة ومتقدمة
5 ــ القيم معيار لنوع السلوك الصواب والخطأ، وجودة السلوك العادي والجيد والممتاز
6 ــ القيم متحكمة في ضبط وترشيد السلوك
سابعًا : المعطيات التفصيلية المُحددة للمهارات السلوكية
1 ــ الطبيعة الفنية لمفاهيم القيمة
2 ــ مجالات تطبيق القيمة في حياة الفرد والمجتمع
3 ــ نوع الإنسان ــ ذكر، أثنى ــ والشريحة العمرية
4 ــ المجال السلوكي لتطبيق القيمة ــ قرية، مدينة، مدرسة، سوق ... إلخ
5 ــ السلوك المهني للقيمة بحسب نوع المهنة
نماذج للتناول المفاهيمي والسلوكي لقيمة حب الله تعالى وقيمة الاحترام
البناء المفاهيمي والسلوكي لقيمة حب الله تعالى

البناء المفاهيمي والسلوكي لقيمة الاحترام

Commentaires